samedi 26 mai 2012

دور المثقف داخل النخبة المحلية في السمارة


أسئلة توجيهية:
يمكن أن نركز في هذا الموضوع على سؤالين أساسيين:
1.  ما هو دور المثقف داخل النخبة المحلية بالسمارة؟
2.   ثم ما هي علاقته بالشأن السياسي وما مدى تأثيره في صناعة القرار المحلي؟

        علينا أن نكون حذرين جدا في التعاطي مع مفاهيم من قبيل: "المثقف" و"النخبة" و"النخبة المثقفة" خاصة عندما نضفي على الموضوع الطابع المحلي.
        فإذا أردنا الحديث مثلا عن "النخبة" كطبقة تتكون من أشخاص استطاعوا أن يكونوا في وضع متميز عن العامة نتيجة تفوق أو حظوة سواء في المجال الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي، فإنه لا بد من النظر إلى طبيعة هذه الفئة ومكوناتها وسلوكها وتأثيرها في المجتمع، ومن ثم في صناعة القرار، وهذا الموضوع قد يطول الحديث فيه نظرا لما يرتبط به من اشكالات متعددة ومتشعبة.
        أما إذا ركزنا على "المثقف" كأحد عناصر هذه "النخبة" فإنه يمكن أن نستخلص بعض الأفكار التي يمكن أن تقودنا إلى فهم الإشكالية الكبرى المتعلقة بدور "النخبة المحلية" في صناعة القرار المحلي، وبالتالي مدى مساهمتها في تكريس قيم الديمقراطية ودعم مسلسل الانتقال الديمقراطي، وما يرتبط بذلك من قضايا تتعلق بالحرية السياسية واللامركزية وتخليق الحياة العامة وغيرها.
        و"النخبة المثقفة"، التي يُفترض أن تتميز بالوعي والتماسك، تبقى هي الحلقة الأضعف تقريبا في مكونات "النخبة المحلية" سواء تعلق الأمر بتكوينها أو مؤهلاتها أو تأثيرها. ومن هنا لا يجب أن ننظر إلى "المثقف" على أنه الشخص الذي حصل على شهادة أو مؤهل علمي متميز عن العامة فحسب، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار وعيه بذاته وطريقة تفكيره في كيفية معالجة الأمور من حوله.
        وتبقى الفئة "المثقفة" في إقليم السمارة عموما قليلة العدد بطيئة التطور وأحيانا ضعيفة التكوين حتى في حالة الحصول على مؤهلات علمية عالية نسبيا.
        كما أن هذه الفئة تكون في الغالب مكبلة بقيود تقليدية كالعادات والتقاليد والانتماء القبلي وغيرها، أو رهينة لتطلعات تتجاوز الاهتمام المحلي ويلعب فيها العامل الاقتصادي والسياسي دورا محوريا.
        ومن هنا يظل "المثقف" بالإقليم ضحية استقطابات قد تلبي جزاء من تطلعاته أو اهتماماته، لكنه يظل يفكر على الدوام في بدائل أخرى.
        وفي هذه الظروف تغلب على "المثقف" صفة السلبية أو بالأحرى اللامبالاة خاصة اتجاه الشأن السياسي المحلي. فالنظام المخزني ظل لوقت طويل يقصي "النخبة المثقفة"، على قلة عددها، ويقرب فئة الأعيان وبعض أصحاب الحظوة من المال والجاه، ولكن بالخصوص "النخة الادارية" التي هيمنت لمدة طويلة على تدبير الشأن العام بمختلف تفاصيله، مما خلق تراكما ثقيلا غذته عوامل أخرى سياسية واقتصادية وأمنية، وكانت له نتائج سلبية على دور هذه الفئة. (ويجدر التذكير بأن جيلا كاملا من الإقليم تم فصله عن الدراسة في نهاية الثمانينات للعمل في المدن الشمالية، مما خلق قطيعة في مسار تطور "النخبة المثقفة"  وأجهض فرصة مهمة للتبكير بتخرج كفاءات محلية، ولم يحقق ذلك الجيل أية نتائج تذكر ولم يكن له تأثير حتى بعد عودته إلى الإقليم خلال التسعينات).
        لقد ظل "المثقف" إذن فاقدا القدرة على الفعالية والعطاء، كما أن تأثيره ظل محدودا، مع أنه على مستوى التفكير كان يحاول دوما أن يرتقي إلى مستوى "المثقف العضوي" بالمفهوم الغرامشي.
        إن سلسلة طويلة من الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها الساحة المحلية أثبتت أن "النخبة المثقفة" ليست هي التي تهجر التنافس السياسي، ولكنها أيضا مغيبة بشكل أو بآخر وكأنها غير مرغوب فيها. خاصة وأنه يغلب على الصراع الانتخابي الطابع القبلي الجامح والمنطق المادي الصرف، مما يقضي على حظوظ أي مرشح لا يتمتع بقاعدة قبلية وتحالفات مريحة وحقيبة مالية قادرة على تغطية المصاريف وكبح جماح المنافسين، وهذا الأمر لم تسلم منه حتى الانتخابات البرلمانية والجماعية الأخيرة لسنة 2007، والتي جرب فيها بعض "المثقفين" حظوظهم دون جدوى.
        حتى الأحزاب السياسية تعي جيدا هذه الحقيقة فتركز على الرغبة في حصد المقاعد أكثر من تركيزها على نوعية الأشخاص الذين يمثلونها، ومن هنا ينتقل الحزب من "برنامج انتخابي" أو "توجه سياسي" إلى لون قبلي، لكن الأمر يكون أكثر غرابة عندما يتحول ممثل الحزب إلى حزب آخر كما حدث في مناسبات عدة كان آخرها الانتخابات الأخيرة.
        ومع ذلك يكن القول بأن تواجد "المثقف" على الساحة بدأ يظهر ولو بشكل محتشم، خاصة مع المتغيرات والتحولات التي عرفتها الساحة السياسية عموما بعد الإعلان الرسمي عن تبني مقاربات جديدة؛ ك"المفهوم الجديد للسلطة" و"التوجه الديمقراطي" و"الحكامة المحلية". فعموما بدأت تظهر فرص أمام "المثقف" للمشاركة في تدبير الشأن العام رغم محدوديتها، لكن فعالية دوره ستبقى محدودة أيضا طالما أن الظروف السياسية لم تنضج بما فيه الكفاية لدخوله إلى ميدان التنافس الانتخابي الحر ندا للند مع باقي أقطاب "النخبة المحلية" ودون أن تكون هناك معايير أخرى للفوز سوى الكفاءة والنزاهة وتفوق "البرنامج الانتخابي".
        وفي ظل هذه الظروف يجد بعض "المثقفين" بدائل أخرى عن العمل السياسي وذلك من خلال الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني وتأسيس الجمعيات كأسلوب آخر لخدمة المجتمع والتفاعل مع قضاياه بعيدا إكراهات السياسة وصخبها. إلا أن هذا الحقل هو الآخر لا زلت تحفه مجموعة من الإكراهات والمشاكل، إذ يبقى في حاجة إلى الكثير من التنظيم والتشجيع ليؤدي وظيفته على الوجه الأكمل، خاصة وأن البعض يتسلط على هذا المجال، ليسيء إليه، إما بهدف الانتفاع المادي أو بدافع التقرب إلى السلطة، هذه الأخير التي يتعين أن تبقى على مسافة واضحة من المجتمع المدني دعما لاستقلاليته. وهذا ما جعل بعض "المثقفين" ينأى بنفسه عن العمل في هذا الميدان لغياب الثقة لديه في جدوى هذا النشاط أو تحاشيا لأي تُهم قد تلصق به.  

السمارة بتاريخ: 02 شتنبر 2010 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire